(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح لمعة الاعتقاد
198882 مشاهدة
موالاة زوجات النبي وتبجيلهن

أهل السنة يوالون زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك لأن الله تعالى أثنى عليهن في هذه الآيات في قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ لا شك أنهن من أقوى النساء تقوى، فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ إلى آخر الآيات لَسْتُنَّ ويقول تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ .
من فضائلهن أنهن اخترن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهن لما جاء التخيير؛ كل واحدة تقول: أريد الله ورسوله، والدار الآخرة، ولم تقل واحدة منهن: أريد الحياة الدنيا، وثبتن على حالتهن، وانقطعن عن الأزواج بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الله حرمهن على غيره في قوله تعالى: وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا لأنهن نساؤه في الآخرة؛ نساؤه في الآخرة هكذا بقين على الرضا به ليكن نساء له في الآخرة.
فأهل السنة يتَرضَّون عن زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعتقدون أنهن أمهات المؤمنين لقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ يعني في الاحترام يحترمهم المسلمون، ويعرفون فضلهن، ويعتقدون أنهن المطهرات لقوله تعالى: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ النبي -عليه السلام- طيب، ونساؤه اللاتي اختارهن الله تعالى له من الطيبات، مطهرات، مبرآت من كل سوء، منزهات عن كل ذنب، ومنزهات عن كل فاحشة، حماهن الله تعالى حماية لنبيه -صلى الله عليه وسلم-.
واختلف في أفضلهن فقال بعضهم: أفضلهن خديجة وقيل أفضلهن عائشة والصحيح أن خديجة أفضل بالسبق؛ لأنها أسلمت من قبل ونصرت النبي -صلى الله عليه وسلم- وواسته بمالها ورزقه الله تعالى منها أولادًا.